كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(فَما تَزِيدُونَنِي) إذن حينئذ، (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) يعني: تخسرون أعمالي وتبطلونها، أو فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملونني عليه غير أن أخسركم، أي: أنسبكم إلى الخسران وأقول لكم إنكم خاسرون.
(آيَةً) نصب على الحال قد عمل فيها ما دلّ عليه اسم الإشارة من معنى الفعل. فإن قلت: فبم يتعلق (لَكُمْ)؟ قلت: بـ (آية) حالاً منها متقدّمة، لأنها لو تأخرت لكانت صفة لها، فلما تقدمت انتصبت على الحال، .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشك، مع أنه على يقين، لأنه من الكلام المنصف، يستدرجهم ويقول: قدروا على زعمي أني على حق، ثم أني عصيت ربي، فلابد أن الله تعالى ينتقم مني، فتفكروا هل تقدرون أن تمنعوا عذاب الله مني، بل ما تزيدونني غير تخسير.
قوله: (إذن حينئذ): أكد "إذن" بـ "حينئذ" ليختص بالظرفية.
قوله: (فلما تقدمت انتصبت على الحال): قيل: هذا قول لم يقل به أحد، لما يلزم منه أن يكون الحال ذا الحال، والأولى: (لَكُمْ) حال عمل فيها معنى الإشارة، و (آَيَةً) حال من الضمير المستتر فيه، فيكونان حالين متداخلين.
وقلت: وقد قال به أبو البقاء والكواشي، وقال الواحدي: " (آيَةً) جازت أن تكون حالاً بمعنى: دالة، فلا امتناع حينئذ [من] وقوعها ذا حال باعتبار الضمير"، وقال الزجاج: "إن نصب (آيَةً) على الحال، المعنى: إذا قال: هذه ناقة الله لكم آية أو آية لكم، فكأنه قال: انتبهوا لها في هذه الحال".

الصفحة 121