كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) قرئ مفتوح الميم لأنه مضاف إلى "إذ"، وهو غير متمكن، كقوله:
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا
فإن قلت: علام عطف؟ قلت: على (نجينا)، لأنّ تقديره: ونجيناهم من خزى يومئذ، كما قال: (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) [هود: 58]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: ((وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) قرئ مفتوح الميم): نافع والكسائي، والباقون: بكسرها.
قوله: (على حين عاتبت المشيب على الصبا): تمامه:
وقلت ألما تصح والشيب وازع
الهمزة في "ألما": للاستفهام، و"لما": من الجوازم، و"تصح": من: صحا يصو: إذا أفاق من سكره، "وازع": كاف مانع؛ من الوزع: الكف، يقول: إنه لما عرف الديار التي كان حل بها من يهواه بكى، وعاوده وجده، فعاتب نفسه على صبابتها وعذلها، وقال: "ألما تصح"، أي: آن لك أن تصحو ويزول عنك ما كنت تجده من الغرام في صباك، فإن الشيب كاف عن أمثال هذا.
قوله: (على (نَجَّيْنَا)): لم يرد أن نفس الجار والمجرور عطف على نفس الفعل، فلا يقدر له متعلق، ويعطف، بل يقدر وتعطف الجملة على الجملة، ليكون على وزان قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ) [هود: 58]، وتلخيصه: ولما جاء أمرنا نجينا صالحاً من عذاب الدنيا، ونجيناه من خزي يوم القيامة.

الصفحة 124