كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
على: وكانت التنجية من خزى يومئذ، أي: من ذله ومهانته وفضيحته، ولا خزي أعظم من خزي من كان هلاكه يغضب الله وانتقامه. ويجوز أن يريد بـ (يومئذ) يوم القيامة، كما فُسر "العذاب الغليظ" بعذاب الآخرة.
وقرئ (أَلا إِنَّ ثَمُودَ) و (لِثَمُودَ) كلاهما بالصرف وامتناعه، فالصرف للذهاب إلى الحىّ أو الأب الأكبر، ومنعه للتعريف والتأنيث، بمعنى القبيلة.
[(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ* فَلَمَّا رَأي: أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ* وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ* قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ* قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)].
(رُسُلُنا) يريد: الملائكة، عن ابن عباس: جاءه جبريل عليه السلام وملكان معه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من خزي يومئذ، أي: من ذله ومهانته)، الراغب: "خزي الرجل: لحقه انكسار؛ إما من نفسه أو من غيره، فالأول: هو الحياء المفرط، ومصدره: الخزاية، والثاني: هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره: الخزي، وعلى ما قلنا في "خزي" قولهم: ذل وهان، فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه يقال له: الهون والذل، ويكون محموداً، ومتى كان من غيره يقال له: الهوان والذل، ويكون مذموماً".
قوله: (وقرئ: (أَلا إِنَّ ثَمُودَا)): حمزة وحفص، والباقون: بالتنوين. والكسائي: "ألا بعداً لثمود" بالتنوين، والباقون: بفتح الدال من غير تنوين.
الصفحة 125
656