كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

مَرَرْنَا فَقُلْنَا إيِه سِلْمٌ فَسَلَّمَتْ ... كَمَا اكْتَلَّ بِالبَرْقِ الْغَمَامُ اللَّوَائِحُ
(فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ) فما لبث في المجيء به، بل عجل فيه، أو فما لبث مجيئه. و"العجل": ولد البقرة، ويسمى: الحسيل والخبش بلغة أهل السراة، وكان مال إبراهيم عليه الصلاة والسلام البقر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو علي: "أما انتصاب (سَلَاماً): فإنه لم يحك شيئاً تكلموا به، فيحكى كما تحكى الجمل، وهو معنى ما تكلمت به الرسل، كما أن القائل إذا قال: "لا إله إلا الله"، فقلت: حقاً، أعملت القول في المصدر، لأنك ذكرت معنى ما قال، ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكى، وكذلك نصب (سَلَاماً)، لما كان معنى ما قيل، ولم يكن نفس المقول بعينه، وأما (سَلَامٌ) فهو مرفوع، لأنه من جملة الجملة المحكية، والتقدير: سلام عليكم، فحذف الخبر".
والمصنف حكى كلامهم، وقدر الناصب، ليكون العدول منه إلى الرفع أبلغ، تأسياً بقوله تعالى: (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا) [النساء: 86]، كما أشار إليه الراغب.
قوله: (مررنا فقلنا: إيه) البيت: "إيه": اسم فعل، ومعناه: زد، ونظيرها: أف. النهاية: "هي كلمة يراد بها الاستزادة، وهي مبنية على الكسر، فإذا وصلت نونت فقلت: إيه حدثنا".
اكتل البرق: لمع، سحاب مكتل: ملمع، يقول: سلمنا فردت السلام بالبشاشة والطلاقة مثل البرق اللامع.

الصفحة 128