كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(حَنِيذٍ) مشويّ بالرضف في أخدود، وقيل: (حَنِيذٍ) يقطر دسمه، من حنذت الفرس إذا ألقيت عليها الجل حتى تقطر عرقاً، ويدل عليه: (بِعِجْلٍ سَمِينٍ) [الذاريات: 26].
يقال: نكره وأنكره واستنكره، ومنكور: قليل في كلامهم، وكذلك: أنا أنكرك، ولكن منكر ومستنكر، وأنكرك. قال الأعشى:
وَأَنْكَرَتْنِى وَمَا كَانَ الَّذِى نَكِرَتْ ... مِنَ الْحَوَادِثِ إلّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
قيل: كان ينزل في طرفٍ من الأرض، فخاف أن يريدوا به مكروهاً. وقيل: كانت عادتهم أنه إذا مسّ من يطرقهم طعامهم أمنوه وإلا خافوه، والظاهر: أنه أحسّ بأنهم ملائكة، ونكرهم لأنه تخوّف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله عليه أو لتعذيب قومه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..
قوله: (بالرضف): الرضف: الحجارة المحماة.
قوله: (وأنكرتني) البيت: يقال: أنكرت الرجل: إذا كنت من معرفته في شك، ونكرته: إذا لم تعرفه. يقول: إن المحبوبة شكت في معرفتي، وما نكرت إلا الشيب والصلع، فإنهما مبغوضان عندها.
وقال المصنف في "الذاريات" في قوله: (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) [الذاريات: 25]: "أي: أنتم قوم منكرون، فعرفوني من أنتم"، أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، كما إذا أبصر العرب قوماً من الخزر، ورأى لهم حالاً وشكلاً خلاف حال الناس وشكلهم.

الصفحة 129