كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

ألا ترى إلى قولهم: (لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ)، وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف فيهم أرسلوا.
(وَأَوْجَسَ) فأضمر، وإنما قالوا: (لا تَخَفْ) لأنهم رأوا أثر الخوف والتغير في وجهه، أو: عرفوه بتعريف الله، أو: علموا أن علمه بأنهم ملائكة موجب للخوف، لأنهم كانوا لا ينزلون إلا بعذاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ألا ترى إلى قولهم: (لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)): أي: الدليل على أن الظاهر أنه عليه السلام أحس أنهم ملائكة، وإنما أنكرهم لأنه تخوف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله تعالى على إبراهيم عليه السلام، لا لأنهم ما مسوا طعامه: تعليل النهي- أي: (لا تَخَفْ) - بقولهم: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)، وإلا كان مقتضى الظاهر أن يقولوا: إنا رسل الله، وهذا على خلاف ما ذكره في سورة الحجر، قال: "وكان خوفه لامتناعهم من الأكل، وقيل: لأنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت".
روى محيي السنة عن قتادة: أن ذلك الخوف لأجل أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف، ولم يأكل من طعامهم، ظنوا أنه لم يأت بخير، وإنما جاء بشر"، ولم يذكر غير هذا الوجه في هذا المقام.
وقال القاضي: " (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) أي: أنكر ذلك منهم".
وقلت: الحق- والله تعالى أعلم- أن الخوف إنما صدر عن مجموع كونهم منكرين،

الصفحة 130