كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ) قيل: كانت قائمةً وراء الستر تسمع تحاورهم، وقيل: كانت قائمة على رؤسهم تخدمهم، وفي مصحف عبد الله: "وامرأته قائمة وهو قاعد"، (فَضَحِكَتْ) بزوال الخيفة أو بهلاك أهل الخبائث، أو كان ضحكها ضحك إنكارٍ لغفلتهم، وقد أظلهم العذاب. وقيل: كانت تقول لإبراهيم: اضمم لوطاً ابن أخيك إليك فإني أعلم أنه ينزل بهؤلاء القوم عذاب، فضحكت سروراً لما أتى الأمر .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما معنى السؤال في قوله: (فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ)، بعد تقدير ما سبق من قوله: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)، فهو: فما شأنكم وما تطلبون بقولكم: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ)، وفي تصريح ذكر "المرسلين" الدلالة على ذلك، لأن التعريف فيه كما في قولك: المنطلق ذو جد، بعد قولك: انطلق زيد إلى موضع كذا، فأجيب عليه السلام بما علم منه أن الإرسال لأجل الإهلاك؛ من قولهم: (إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ)، فالواجب على المفسر الماهر أن يراعي في تفسيره في كل مقام ما يسلم منه من الخطأ.
وأما التوفيق بين مفردات الألفاظ فمن أجل المقاصد، ولا يعلم كنهه بحسب اقتضاء كل مقام إلا الله سبحانه وتعالى، والحمد لله على ما ألهمنا شمة منه.
قوله: (فضحكت سروراً)، الراغب: "الضحك: انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس، ولظهور الأسنان عنده تسمى مقدمات الأسنان: الضواحك، ويستعمل في السرور المجرد، نحو: (مُسْفِرَةٌ* ضَاحِكَةٌ) [عبس: 38 - 39]، وفي السخرية، نحو: (وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) [المؤمنون: 110]، وفي التعجب المجرد قال: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) [هود: 71]، وضحكها كان للتعجب، ويدلك عليه قولها: (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) ".

الصفحة 132