كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوّة، فليست بمكان عجب.
و"أمر الله": قدرته وحكمته، وقوله: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) كلام مستأنف علل به إنكار التعجب، كأنه قيل: إياك والتعجب، فإنّ أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم. وقيل: الرحمة النبوة، والبركات الأسباط من بنى إسرائيل، لأنّ الأنبياء منهم، وكلهم من ولد إبراهيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور، وهو: عليك أن تتوقري ولا يزدهينك ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة، وأن تسبحي الله وتمجديه مكان التعجب، وذلك أنهم جاؤوا بهذه الجملة مقتطعة عما قبلها من غير عاطف، لتكون الجملة الأولى- وهي قوله: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) - كالمورد للسؤال، وتكون هذه الجملة جواباً عنه، وذلك أنهم لما أنكروا عليها بقوله: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) استبعادها بقولها: (يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً)، تصوروا أنها أضمرت في نفسها: لم كان أمرنا خلاف أمر النسا؟ أجابوا بقولهم: (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)، يعني: بأن الله خصكم بهذه الفضيلة والإنعام دون سائر الناس، وإليه الإشارة بقوله: "كلام مستأنف علل به إنكار التعجب"، ودل على الاختصاص النداء بقوله: (أَهْلَ الْبَيْتِ)، فإنه من قبيل قولهم: أنا أفعل كذا أيتها العصابة. لله دره، ما أدق إدراكه.

الصفحة 137