كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده (مَجِيدٌ) كريم كثير الإحسان إليهم.
و(أهل البيت): نصب على النداء أو على الاختصاص، لأن (أَهْلَ الْبَيْتِ) مدح لهم: إذ المراد: أهل بيت خليل الرحمن.
[(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ* إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)].
(الرَّوْعُ) ما أوجس من الخيفة. حين نكر أضيافه. والمعنى: أنه لما اطمأن قلبه بعد الخوف ومليء سروراً بسبب البشرى بدل الغم، فرغ للمجادلة.
فإن قلت: أين جواب "لما"؟ قلت: هو محذوف كما حذف قوله (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا) [يوسف: 15]، وقوله: (يُجادِلُنا) كلام مستأنف دال على الجواب، وتقديره: اجترأ على خطابنا، أو فطن لمجادلتنا، أو قال: كيت وكيت،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب به الحمد) يعني: "فعيل" بمعنى: فاعل، وهذه الخاتمة كالتذييل والتعليل لما سبق، فإن قولهم: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) متضمن لما أوجب عليها من الوقار والرزانة والتسبيح والتمجيد لا للتعجب- كما ذكر-، يعني: أنه تعالى (حَمِيدٌ) يفعل ما يستوجب به الحمد من عباده، سيما في حقها، (مَّجِيدٌ) كثير الإحسان إلى العباد، خصوصاً في أن جعل بيتها مهبط البركات.
قوله: ((فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا)): فعلوا به ما فعلوا من الأذى.
قوله: ((يُجَادِلُنَا) كلام مستأنف دال على الجواب): أي: ليس بجواب، لأنه مضارع، و"لما" للماضي، قال الزجاج: " (يُجَادِلُنَا) حكاية قد مضت، لأن "لما" وضعت لما قد وقع

الصفحة 138