كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

منطقٌ حلو، وحسن سياقٍ للحديث، فكان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم مجالسته ومحادثته، وهو يضمر خلاف ما يظهر. وقيل: نزلت في المنافقين.
وقرئ: "تثنونى صدورهم"، و"اثنونى": من الثني، كـ"احلولى" من الحلاوة، وهو بناء مبالغة، قرئ بالتاء والياء. وعن ابن عباس رضي الله عنه: "لتثنونى صدورهم".
وقرئ: "تثنونّ"، وأصله: تثنونن؛ تفعوعل من الثن، وهو ما هشَّ وضعف من الكلأ، يريد: مطاوعة صدورهم للثني، كما ينثني الهش من النبات، أو أراد ضعف إيمانهم ومرض قلوبهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، كيف يعلم بنا؟ ! وعلى هذا كان (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) كناية عن النفاق"، وقال: "روي أن بعض الكفار كان إذا مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وولاه ظهره، واستغشى ثيابه"، ومن ثم استشهد المصنف بما كان يفعله قوم نوح: (جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) [نوح: 7].
وأما القول بأنها نزلت في المنافقين، وأن السورة مكية: فمشكل، والله أعلم.
قوله: (وقرئ: "تثنوني"): قال ابن جني: "قرأها ابن عباس ومجاهد ويحيى بن يعمر، وهو "يفعوعل" من أبنية المبالغة لتكرار العين، كقولك: أعشب البلد، فإذا كثر قلت: اعشوشب. واستحلى، وإذا قوي قلت: احلولى".
قوله: (وقرئ: "تثنون"): قال ابن جني: "روي عن ابن عباس، وهو "تفعوعل"؛ من الثن،

الصفحة 16