كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
قلت: هو تفضلٌ إلا أنه لما ضمن أن يتفضل به عليهم، رجع التفضل واجباً، كنذور العباد. و"المستقرّ": مكانه من الأرض ومسكنه. و"المستودع": حيث كان مودعاً قبل الاستقرار؛ من صُلب، أو رحم، أو بيضة، (وَمُسْتَوْدَعَهَا): كُلٌّ واحدٍ من الدواب ورزقها ومستقرّها ومستودعها في اللوح، يعني: ذكرُها مكتوبٌ فيه مبين.
[(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فانقلبت همزة، نحو: ابيأض وابياض، والمعنى: كما أن الثن سريع إلى طالبه غير معتاص على آكله، كذلك صدورهم مجيبة لهم إلى أن يثنوها، ليستخفوا من الله تعالى".
قوله: (هو تفضل إلا أنه لما ضمن أن يتفضل [به] عليهم، رجع التفضل واجباً، كنذور العباد): قال الإمام: "وجب على الله الرزق بحسب الوعد والفضل والإحسان"، فلا يكون كالنذور، وقال القاضي: " (عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا): غذاؤها ومعاشها؛ لتكفله إياه تفضلاً ورحمة، وإنما أتى بلفظ الوجوب تحقيقاً لوصوله، وحملاً على التوكل عليه".
وقلت: (كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) كالتتميم لمعنى وجوب تكفل الرزق، كمن أقر بشيء في ذمته، ثم كتب عليه صكاً.
الصفحة 18
656