كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

وقرئ: "إن هذا إلا ساحر مبين"، يريدون الرسول، والساحر: كاذب مبطل.
[(وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَاتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)].
(الْعَذابَ): عذاب الآخرة، وقيل: عذاب يوم بدر. وعن ابن عباس: قتل جبريل المستهزئين (إِلى أُمَّةٍ): إلى جماعةٍ من الأوقات، (ما يَحْبِسُهُ): ما يمنعه من النزول؛ استعجالاً له على وجه التكذيب والاستهزاء، و (يَوْمَ يَاتِيهِمْ) منصوبٌ بخبر (ليس)، ويستدل به من يستجيز تقديم خبر "ليس" على "ليس"، وذلك أنه إذا جاز تقديم معمول خبرها عليها، كان ذلك دليلاً على جواز تقديم خبرها، إذ المعمول تابع للعامل، فلا يقع إلا حيث يقع العامل.
(وَحاقَ بِهِمْ): وأحاط بهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ): العذاب الذي كانوا به يستعجلون، وإنما وضع (يستهزئون) موضع "يستعجلون"، لأنّ استعجالهم كان على جهة الاستهزاء، والمعنى: ويحيق بهم إلا أنه جاء على عادة الله في أخباره.
[(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "إن هذا إلا ساحر"): حمزة والكسائي.
قوله: (قتل جبريل المستهزئين): وهم الذين جاء في شأنهم: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95]، روى المصنف عن عروة بن الزبير: وهم خمسة نفر. قال ابن عباس: ماتوا كلهم قبل يوم بدر، قال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أكفيكهم" إلى آخر القصة.

الصفحة 24