كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)].
(الْإِنْسانَ) للجنس، (رَحْمَةً): نعمةً من صحة وأمن وجدة (ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ) ثم سلبنا تلك النعمة، (إِنَّهُ) شديد اليأس من أن تعود إليه مثل تلك النعمة المسلوبة، قاطعٌ رجاءه من سعة فضل الله، من غير صبرٍ ولا تسليم لقضائه ولا استرجاع (لَيَئُوسٌ كَفُورٌ): عظيم الكفران لما سلف له من التقلب في نعمة الله، نَسَّاءٌ له.
(ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) أي: المصائب التي ساءتني، (إِنَّهُ لَفَرِحٌ): أشر بطر، (فَخُورٌ) على الناس بما أذاقه الله من نعمائه، قد شغله الفرح والفخر عن الشكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأمن وجدة): وأنشد:
إن الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء أي مفسدة
الجوهري: "وجد في المال وجداً- بالفتح والضم والكسر- وجدة؛ أي: استغنى. وأوجده؛ أي: أغناه".
قوله: (قاطع رجاءه من سعة فضل الله، من غير صبر): وذلك أن الصابر: من يحبس نفسه على التسليم لقضاء الله تعالى راجياً فضل الله، والآيس: قاطع رجاءه قلق مضطرب، لا يثبت على ما ناله من المكروه.
قوله: ((إِنَّهُ لَفَرِحٌ) أشر بطر)، الراغب: "الفرح: انشراح الصدر بلذة عاجلة، وأكثر

الصفحة 25