كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
وتبلغهم ما أُمرت بتبليغه، ولا عليك ردّوا أو تهاونوا أو اقترحوا، (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) يحفظ ما يقولون، وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل، فتوكل عليه، وكل أمرك إليه، وعليك بتبليغ الوحى بقلب فسيح وصدرٍ منشرح، غير ملتفتٍ إلى استكبارهم ولا مبال بسفههم واستهزائهم.
فإن قلت: لم عدل عن "ضيقٍ" إلى "ضائق"؟ قلت: ليدل على أنه ضيق عارض غير ثابت، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفسح الناس صدراً. ومثله قولك: زيد سيد وجواد، تريد السيادة والجواد الثابتين المستقرّين، فإذا أردت الحدوث قلت: سائدٌ وجائد، ونحوه: "كانوا قوماً عامين" في بعض القراءات [الأعراف: 64]، وقول السمهري العكلي:
بِمَنْزِلَةٍ أَمَّا اللّئِيمُ فَسَامِنٌ ... بِهَا وَكِرَامُ النّاسِ بَادٍ شُحُوبُهَا
[(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)].
(أَمْ) منقطعة، والضمير في (افْتَراهُ) لما يوحى إليك، تحداهم أوّلاً بعشر سور، ثم بسورة واحدة، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بمنزلة أما اللئيم) البيت: "سامن": أي: سمين، والمراد: حدوث السمن، والشحوب: تغير اللون من غم أو سقم، والشحوب: الهزال أيضاً.
قوله: (تحداهم أولاً بعشر سور، ثم بسورة واحدة): كذا عن القاضي. وقال الإمام: "التحدي بعشر سور لابد أن يكون سابقاً على التحدي بسورة واحدة"، وأتى بالمثال
الصفحة 29
656