كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي ذكره المصنف، وقال: "التحدي بالسورة الواحدة ورد في البقرة ويونس، والدليل الذي ذكرناه يقتضي أن تكون هود متقدمة في النزول على يونس والبقرة".
وقال محيي السنة: "أنكر المبرد هذا، وقال: بل نزلت سورة يونس أولاً، وقال: معنى قوله في سورة يونس: (فَاتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) [يونس: 38]: في الخبر عن الغيب والأحكام والوعد والوعيد، فعجزوا، فقال لهم في هود: إن عجزتم عن الإتيان بسورة مثله في الأخبار والأحكام والوعد والوعيد، فأتوا بعشر سور مثله من غير خبر ولا وعد ولا وعيد، وإنما هي مجرد البلاغة".
وقلت- والعلم عند الله-: والذي يقتضيه المقام أن التي في البقرة ويونس واردة بعد إقامة البرهان على إثبات التوحيد وإبطال الشرك، فالواجب بعد ذلك إقامة البرهان على إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تثبت النبوة إلا بإظهار المعجزة، وهي التحدي بسورة فذة من هذا الكتاب الكريم، ولهذا حد المحققون القرآن بأنه: هو الكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه. وما نحن بصدده وارد في تعنت الكفرة واقتراحهم الآيات عناداً واستهزاء، كما قال المصنف: "وكانوا لا يعتدون بالقرآن ويتهاونون به، ويقولون: هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن، ولم أنزل ما لا نريده؟ ! "، بل هو ليس بآية، وإنما هو من افترائك، وليس من عند الله، وكان يضيق لذلك صدره.
واعلم أنه تعالى لما ذكر قوله: (وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) سلاه صلوات الله عليه بقوله:

الصفحة 30