كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ولما أضرب عن ذلك الاقتراح، وحكى نوعاً آخر من قبائحهم أعظم من ذلك، وهو طعنهم في القرآن، بقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ)، أمر حبيبه صلوات الله عليه وسلامه بأن يجيب عنه بقوله: (قُلْ فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) على مقتضى سؤالهم، وهو كالقول بالموجب، يعني: هبوا أنه كما تزعمون مفترى، فأتوا أنتم بعشر سور مثله، أي: ما أقول لكم فأتوا بمثله كله، ليس فيه اختلاف من جهة المعاني والألفاظ والإخبار عن المغيبات والقصص والأحكام والأخلاق وغير ذلك، بل نبذاً منه جامعاً لهذه المعاني، ولم يكن فيه تناقض.
واعلم أن المراد بتخصيص العدد إيثار طريق القصد، وما به تختلف المعاني، كما يوجد في الكلام المبسوط الذي له ذيول وتتميمات، وذلك لدفع الافتراء ونفي التهمة، وأنه من عند الله لا من عنده، يعني: لو كان مفترى من عندي لوجدتم فيه اختلافاً كثيراً، وهذا لا يتم بسورة فذة، كسورة الكوثر والإخلاص وأشباههما، كما يتم في التحدي لمجرد إثبات النبوة، قال تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 82].
قال المصنف: "تدبر القرآن: تأمل معانيه وتبصر ما فيه، (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)، أي: لكان الكثير منه متناقضاً، قد تفاوت نظمه وبلاغته ومعانيه، فكان

الصفحة 31