كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

[(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)].
(نُوَفِّ إِلَيْهِمْ): نوصل إليهم أجور أعمالهم وافيةً كاملةً من غير بخس في الدنيا، وهو ما يرزقون فيها من الصحة والرزق. وقيل: هم أهل الرياء. يقال للقراء منهم: أردت أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك. ولمن وصل الرحمن وتصدّق: فعلت حتى يقال، فقيل. ولمن قاتل فقتل: قاتلت حتى يقال فلان جريء، فقد قيل.
وعن أنس بن مالك: هم اليهود والنصارى، إن أعطوا سائلا أو وصلوا رحماً، عجل لهم جزاء ذلك بتوسعة في الرزق وصحة في البدن.
وقيل: هم الذين جاهدوا من المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لهم في الغنائم.
وقرئ: "يوفّ" بالياء على أن الفعل لله عزّ وجلّ. و"توفَّ إليهم أعمالهم" بالتاء على البناء للمفعول، وفي قراءة الحسن: "نوفي" بالتخفيف وإثبات الياء، لأنّ الشرط وقع ماضياً، كقوله:
يَقُولُ: لَا غائِبٌ مَالِى وَلَا حَرِمُ
(وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها) وحبط في الآخرة ما صنعوه، أو صنيعهم، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك) إلى آخره: الألفاظ كلها مقتبسة من الحديث المشهور المخرج في "صحيح مسلم"، و"سنن أبي داود" والنسائي.

الصفحة 36