كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

يعني: لم يكن له ثواب لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا به الدنيا، وقد وفي إليهم ما أرادوا (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي: كان عملهم في نفسه باطلا، لأنه لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له.
وقرئ: "وبطل" على الفعل. وعن عاصم: "وباطلاً" بالنصب، وفيه وجهان: أن تكون (ما) إبهامية وينتصب بـ (يعملون)، ومعناه: وباطلا، أيّ باطل كانوا يعملون، وأن تكون بمعنى المصدر على: وبطل بطلاناً ما كانوا يعملون.
[(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي: كان عملهم في نفسه باطلاً): قال أبو البقاء: "باطل: خبر مقدم، و (مَا كَانُوا) مبتدأ، والعائد محذوف، أي: يعملونه".
قوله: (وعن عاصم: "وباطلاً"): وهي شاذة، قال ابن جني: "قرأها أبي وابن مسعود، وهو معمول (يَعْمَلُونَ)، و (مَا) زائدة للتوكيد، وفيه دلالة على جواز تقديم خبر "كان" عليها، لأنه إنما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل، وكأنه قال: ويعملون باطلاً كانوا، ومثله: (أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ) [سبأ: 40]، (إِيَّاكُمْ) معمول (يَعْبُدُونَ)، وقد استدل أبو علي به على التقديم".
وقال القاضي: " (وباطلاً) إذا كان مصدراً كان مثل قوله:

الصفحة 37