كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) معناه: أمّن كان يريد الحياة الدنيا فمن كان على بينة أي: لا يعقبونهم في المنزلة ولا يقاربونهم، يريد أنّ بين الفريقين تفاوتاً بعيداً وتبايناً بيناً، وأراد بهم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره، (كان على بينة مِنْ رَبِّهِ) أي: على برهانٍ من الله وبيان أنّ دين الإسلام حق وهو دليل العقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا خارجاً من في زور كلام
قوله: ((أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ) معناه: أمن كان يريد الحياة الدنيا، فمن كان على بينة): يعني: قوله: "فمن كان على بينة" عطف بحرف التعقيب على قوله: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، ودخلت الهمزة بين المعطوف والمعطوف عليه لمزيد الإنكار، وأن هذا التعقيب منكر، يعني: أيثبت في العقول، ويحصل في الوجود، مثل هذا التعقيب؟ أم كيف يقال: من كان يريد الحياة الدنيا أفمن كان على بينة من ربه، إلى آخره؟ ! أي: لا يحصل ولا يذكر، كما قال: "لا يعقبونهم في المنزلة ولا يقاربونهم"، هذا أبلغ من لو جيء بكلمة التشبيه، كما في قوله: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) [السجدة: 18].

الصفحة 38