كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

ممن كان على بينة، كقوله _وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) [الأحقاف: 10]، (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) [الرعد: 43]، (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) ويتلو من قبل القرآن التوراة (إِماماً) كتاباً مؤتماً به في الدين قدوة فيه (وَرَحْمَةً): ونعمة عظيمة على المنزل إليهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و"من" في (مِنْهُ) على هذا: تبعيضية، يدل عليه قوله: "شاهد ممن كان على بينة"، والمراد منه: عبد الله بن سلام، و"من" في (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ): هو وأصحابه ممن كانوا على معرفة من صدق نبوة محمد صلوات الله عليه، والدليل على أن المراد بـ "الشاهد" عبد الله: عطف "كتاب موسى" على الضمير المنصوب في "يتلوه"، لأن التالي للكتابين حينئذ من آمن من أهل الكتاب.
وعلى الأول: الشاهد: هو القرآن، والقرينة المقيدة: النظم، على ما سبق بيانه. ومن أراد تقييده بغيرهما فعليه الدليل من الخارج؛ لما ليس في سياق الكلام ما يدل عليه.
قوله: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) [الرعد: 43]): استشهاد لتعاضد الأدلة العقلية والسمعية، فإن شهادة الله هناك: كالبينة في هذه الآية؛ في إظهار الدليل على صدق القرآن من تأليفه على النظم المعجز الفائت لقوى البشر، و"من عنده علم الكتاب": كالشاهد ها هنا، لأن المراد منه علماء أهل الكتاب الذين أسلموا، لأنهم يشهدون بصحته.
قوله: ((إِمَاماً) كتاباً مؤتماً به): قال الزجاج: "أي: ومن قبل هذا كتاب موسى دليلاً على أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ونصب (إِمَاماً) على الحال؛ لأن (كِتَابُ مُوسَى) معرفة".

الصفحة 41