كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(أُولئِكَ) يعني: من كان على بينة (يُؤْمِنُونَ بِهِ): يؤمنون بالقرآن (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ) يعني: أهل مكة ومن ضامهم من المتحزِّبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ)، (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ)، وقرئ: "مُرية"، بضم الميم، وهما الشك (مِنْهُ) من القرآن أو من الموعد.
[(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ* أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُون* أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ* لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ)].
(يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ): يحبسون في الموقف وتعرض أعمالهم ويشهد عليهم (الْأَشْهادُ) من الملائكة والنبيين بأنهم الكذابون على الله بأنه اتخذ ولداً وشريكاً، ويقال (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) فواخزياه ووافضيحتاه. والأشهاد: جمع شاهد أو شهيد، كأصحاب أو أشراف.
(وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يصفونها بالاعوجاج وهي مستقيمة، أو يبغون أهلها أن يعوجوا بالارتداد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فواخزياه ووافضيحتاه) هذا التفجع مستفاد من قوله: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، كما يستفاد معنى التعجب من قوله قبل هذا: (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ) [الأنعام: 31] الآية، كأنه قيل: ما أخسرهم، كذلك قوله: (أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) يقال في حقهم عندما يحبسون وتعرض أعمالهم، ويشهد عليهم الأشهاد على رؤوس الخلائق، فتظهر عند ذلك فضيحتهم وخزيهم، حتى إن كل من شاهد حالهم قال: واخزياه ووافضيحتاه.
الصفحة 42
656