كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(هُمُ الْأَخْسَرُونَ) لا ترى أحداً أبين خسراناً منهم.
[(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)].
(وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ): واطمأنوا إليه وانقطعوا إلى عبادته بالخشوع والتواضع من الخبت وهي الأرض المطمئنة. ومنه قولهم للشيء: الدنئ الخبيت. قال:
يَنْفَعُ الطَّيِّبُ الْقَلِيلُ مِنَ الرِّزْ ... قِ وَلَا يَنْفَعُ الْكَثِيرُ الْخَبِيتُ
وقيل: التاء فيه بدل من الثاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيها: (جَرَمَ) بمعنى: كسب، و"أن" مع ما في حيزه: مفعوله، والفاعل: ما دل عليه الكلام، أي: كسب ذلك خسرانهم.
فالمعنى: ما حصل من ذلك إلا ظهور خسارهم.
وثالثها: (لا جَرَمَ) بمعنى: لابد، المعنى: لابد أنهم في الآخرة هم الأخسرون.
وفي "الكواشي": محل (لا جَرَمَ) رفع مبتدأ، خبره: (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ)، و (لا جَرَمَ) كانت في الأصل بمنزلة: لا محالة ولا بد، فحولت إلى معنى القسم، فصارت بمعنى: حقاً، فلذلك يجاب عنها باللام، تقول: لا جرم لآتينك.
قوله: ((هُمْ الأَخْسَرُونَ) لا ترى أحداً أبين خسراناً منهم): أي: هم الكاملون في الخسران، كأن خسران غيرهم في جنب خسرانهم ليس بخسران، وذلك من تصدير الجملة بـ "أن"، وتعريف الخبر بلام الجنس، وتوسيط ضمير الفصل.
قوله: (وقيل: التاء فيه بدل من الثاء): أي: في المستشهد، لا في الآية.
الصفحة 47
656