كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: يحتمل قول المصنف: "أن يشبه الفريق تشبيهين اثنين" أن يراد منه: أن يشبه كل فريق تشبيهاً واحداً، فيكون تشبيهين اثنين، أو أن يشبه كل فريق تشبيهين اثنين، وهذا الثاني هو المراد، لاستشهاده ببيت امرئ القيس:
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي
لأنه من تشبيه المفرد بالمفرد، نص عليه صاحب "المفتاح"، وعليه ظاهر كلام المصنف في أول البقرة، شبه بعضاً من قلوب الطير- وهو الرطب منها- بالعناب، وبعضاً منها- وهو اليابس- بالحشف البالي، وكذلك شبه كل فريق من الفريقين تشبيهين؛ بأن شبه فريق الكفار مثلاً؛ بعضاً منهم بالأعمى، وبعضاً بالأصم.
والحاصل: أن التنظير بالبيت لاستقلال كل من المشبه والمشبه به المفرد على حياله، وليس كذلك في الوجه الثاني.
ويحتمل قوله: "أن يشبهه بالذي جمع بين العمى والصمم": أن يكون المراد أن يشبه الفريقين معاً بالذي جمع بين العمى والصمم، وبالذي جمع بين البصر والسمع، لأن الضمير في "أن يشبهه" راجع إلى الفريق، وأن يشبه كل واحد من الفريقين بالذي جمع بين الوصفين، وما يدل على أن الثاني هو المراد: مجيء "أو" التنويعية، وإفراد الموصول في كلام المصنف ها هنا كإفراده في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً) [البقرة: 17]، وإن كان المشبه جماعة.

الصفحة 49