كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
فلما اتصل به الجارّ فتح كما فتح في "كَأَنْ" والمعنى على الكسر، وهو قولك: إنّ زيداً كالأسد. وقرئ بالكسر على إرادة القول.
(أَنْ لا تَعْبُدُوا) بدل من (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ)، أي: أرسلناه بأن لا تعبدوا (إِلَّا اللَّهَ)، أو تكون (أن) مفسرة متعلقة بـ (أرسلنا) أو بـ (نذير).
وصف "اليوم" بـ (أليم) من الإسناد المجازى لوقوع الألم فيه. فإن قلت: فإذا وصف به العذاب؟ قلت: مجازى مثله، لأنّ الأليم في الحقيقة هو المعذب، ونظيرهما قولك: نهارك صائم، وجدّ جدّه.
[(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيداً أسد، والأصل: إن زيداً كالأسد، فنقل الكاف، وفتح الهمزة، والمعنى المعنى، قال أبو البقاء: (قال أني) بالفتح: على تقدير: "بأني"، وهو في موضع نصب، أي: أرسلناه بالإنذار، أي: منذراً".
قوله: (فإذا وصفه به العذاب؟ ): يعني: فهذا حكم "الأليم" إذا وصف به اليوم، فإذا وصف به العذاب، فما حكمه؟
قوله: (ونظيرهما [قولك]: نهارك صائم، وجد جده): إشارة إلى الفرق بين المجازين في الإسناد، نزل الظرف في الأول منزلة الشخص نفسه، لكثرة مباشرته الصوم فيه، كأنه واقع فيه، وفي الثاني: جعل وصف الشخص كالشخص، وأسند إليه ما كان مسنداً إليه، لاستبداده به.
الصفحة 51
656