كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
فما جعلك أحق منهم؟ ألا ترى إلى قولهم: (وما نرى لكم علينا من فضل)؟
أو أرادوا أنه كان ينبغي أن يكون ملكا لا بشر. والأراذل جمع الأرذل، كقوله: (أَكابِرَ مُجْرِمِيها) [الأنعام: 123]، «أحاسنكم أخلاقاً».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعريض والتفكر في استحقاقهم لها دونه؛ لتنزلهم عن مراتبهم، قال الحريري: "يقولون: هب أني فعلت، وهب أنه فعل، والصواب: إلحاق الضمير المتصل به، فيقال: هبني فعلت، وهبه فعل، قال أبو دهبل الجمحي:
هبوني امرأ منكم أضل بعيره ... له ذمة إن الذمام كثير
ومعنى "هبني": أي: عدني واحسبني، فكان فيه معنى الأمر من: وهب".
قوله: (كان ينبغي أن يكون ملكاً، لا بشراً): يعني: دل قوله: (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ) على أن مطلق الأفضلية مطلوب في الرسالة، ونحن وأنت مستوون في البشرية، لا فضل لأحد الفريقين على الآخر، فينبغي أن تكونوا من جنس هو أفضل من البشر، لتختصوا بها دوننا، وليس ذلك إلا الملكية، ففيه اعتزال خفي، والمقام يدفعه.
قوله: (والأراذل: جمع الأرذل، كقوله تعالى: (أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا)): أراد أنه جمع اسم التفضيل مضافاً، كما في الآية، وفي الحديث النبوي: "ألا أخبركم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقاً"، أخرجه الترمذي عن جابر.
الصفحة 54
656