كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

حذفه للاقتصار على ذكره مرة: ومعنى "عميت" خفيت.
وقرئ: (فعميت) بمعنى: أخفيت. وفي قراءة أُبي: "فعماها عليكم".
فإن قلت: فما حقيقته؟ قلت: حقيقته أن الحجة كما جعلت بصيرة ومبصرة جعلت عمياء، لأنّ الأعمى لا يهتدي ولا يهدي غيره، فمعنى فعميت عليكم البينة فلم تهدكم، كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغير هادٍ.
فإن قلت: فما معنى قراءة أُبيّ؟ قلت: المعنى: أنهم صمموا على الإعراض عنها، فخلاهم الله وتصميمهم، فجعلت تلك التخلية تعمية منه، والدليل عليه قوله (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) يعني أنكرهكم على قبولها .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: (فَعُمِّيَتْ)): حفص وحمزة والكسائي بالتشديد وضم العين.
قوله: (فما حقيقته؟ ): أي: فما تحقيق نسبة العمى إلى البينة؟ وأجاب: أن النسبة واردة على طريق الاستعارة، يدل عليه قوله: "فعميت عليكم البينة فلم تهدكم، كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغير هاد"، وقد ورد عكسه في قوله تعالى: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) [الإسراء: 59]، أي: آية مبصرة، أي: كما جاءت هذه النسبة، كذلك ما نحن بصدده.
قوله: (فما معنى قراءة أبي؟ ): "فعماها عليكم"؛ حيث أسند إلى الله تعالى، وهو قبيح على مذهبه.
قوله: (والدليل عليه): أي: على أن المراد التخلية وعدم الإكراه، والإنكار في قوله: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا) بمعنى: أنكرهكم على قبولها.

الصفحة 57