كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
ونقسركم على الاهتداء بها، وأنتم تكرهونها ولا تختارونها، ولا إكراه في الدين؟ !
وقد جيء بضميري المفعولين متصلين جميعاً. ويجوز أن يكون الثاني منفصلاً، كقولك: أنلزمكم إياها. ونحوه: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ) [البقرة: 137] ويجوز: فسيكفيك إياهم. وحُكي عن أبي عمروٍ إسكان الميم. ووجهه أنّ الحركة لم تكن إلا خلسة خفيفة، فظنها الراوي سكوناً. والإسكان الصريح لحن عند الخليل وسيبويه وحذاق البصريين، لأن الحركة الإعرابية لا يسوغ طرحها إلا في ضرورة الشعر.
والضمير في قوله: (لا أَسْئَلُكُمْ) راجع إلى قوله لهم: (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما تقريره على مذهب أهل السنة: قال نوح عليه السلام: إذا كان الله تعالى عماها عليكم فلابد لكم من الكراهية، فكيف ألزمكم عليه إذن، وقريب منه في المعنى قول نوح أيضاً: (وَلا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود: 34].
قوله: (وحكي عن أبي عمرو): أي: على طريق شاذ، والخلسة- بالضم-: اسم من: خلست الشيء إذا سلبته.
قوله: (لا يسوغ [طرحها] إلا في ضرورة الشعر): نحو قوله:
فاليوم أشرب غير مستحقب
الصفحة 58
656