كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

ومعناه: أنكم إذا كنتم من التصميم على الكفر بالمنزلة التي لا تنفعكم معها نصائح الله ومواعظه وسائر ألطافه، كيف ينفعكم نصحى؟
(فَعَلَىَّ إِجْرامِي) و"إجرامي" بلفظ المصدر والجمع، كقوله: (والله يعلم إسرارهم) [محمد: 26] و"أسرارهم". ونحو: جرم وأجرام قفل وأقفال. وينصر الجمع أن فسره الأولون بـ"آثامي". والمعنى: إن صح وثبت أنى افتريته، فعليّ عقوبة إجرامي، أي: افترائى. وكان حقي حينئذ أن تعرضوا عنى وتتألبوا علىّ (وَأَنَا بَرِيءٌ) يعنى ولم يثبت ذلك وأنا بريء منه. ومعنى (مِمَّا تُجْرِمُونَ): من إجرامكم في إسناد الافتراء إلىّ فلا وجه لإعراضكم ومعاداتكم.
[(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ* وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فَعَلَيَّ إِجْرَامِي) و"أجرامي"): بكسر الهمزة على المصدر وبفتحها على الجمع، والفتح شاذ، والأسلوب من باب الاستدراج والكلام المنصف، وهو في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الإمام: "وأكثر المفسرين على أنه من كلام نوح عليه السلام، وقال مقاتل: هذه الآية وقعت في قصة محمد صلى الله عليه وسلم في أثناء قصة نوح"، وقال الإمام: "وهو بعيد جداً".
وقلت: سبق في بيان النظم عند قوله: (فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) [هود: 13] أنه في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (وتتألبوا علي)، الجوهري: "وألبت الجيش: جمعته، وتألبوا: اجتمعوا".

الصفحة 66