كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
والمعنى: فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك ومعاداتك، فقد حان وقت الانتقام لك منهم.
(بِأَعْيُنِنا) في موضع الحال، بمعنى: اصنعها محفوظاً، وحقيقته: ملتبساً بأعيننا، كأن لله معه أعينا تكلؤه أن يزيغ في صنعته عن الصواب، وأن لا يحول بينه وبين عمله أحد من أعدائه. (ووحينا): وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فقد حان وقت الانتقام): يعني: قوله تعالى: (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ) إيذان بمعنى المتاركة، أي: أنك- يا نوح- قد أنذرت وأبلغت وأديت ما عليك، فلا عليك منهم شيء، (فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، وذرني والمكذبين، فقد حان وقت الانتقام.
قوله: (كأن لله معه أعيناً تكلؤه): أي: رقباء تحفظه، وهو من باب التجريد، دل عليه "الباء" في (بِأَعْيُنِنَا)، وهذا من أبلغ أنواع التجريد، لأنهم ينتزعون من نفس الشيء آخر مثله في صفته؛ مبالغة لكمالها فيه، قال ابن جنيك أنشد أبو علي:
أفاءت بنو مروان ظلماً دماءنا ... وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل
وأنشد المصنف:
وفي الرحمن للضعفاء كاف
ها هنا جرد من ذاته المهيمن جماعة الرقباء، وهو الرقيب نفسه.
الصفحة 68
656