كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(حَتَّى) هي التي يبتدأ بعدها الكلام، دخلت على الجملة من الشرط والجزاء. فإن قلت: وقعت غايةً لماذا؟ قلت: لقوله: (ويصنع الفلك) [هود: 38]، أى: وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد. فإن قلت: فإذا اتصلت (حتى) بـ"يصنع"، فما تصنع بما بينهما من الكلام؟ قلت: هو حال من "يصنع"، كأنه قال: يصنعها والحال أنه كلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه. فإن قلت: فما جواب "كلما"؟ قلت: أنت بين أمرين: إما أن تجعل (سَخِرُوا) [هود: 38] جواباً، و (قالَ) استئنافاً، على تقدير سؤال سائل. أو تجعل (سَخِرُوا) بدلاً من (مَرَّ) أو صفة لـ (مَلَأٌ)، و (قالَ) جواباً.
(وَأَهْلَكَ) عطفٌ على (اثنين)، وكذلك (وَمَنْ آمَنَ) يعني: واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم. واستثنى من أهله من سبق عليه القول أنه من أهل النار، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو تجعل (سَخِرُوا) بدلاً من (مَرَّ)): بدل الاشتمال، يعني: أن مرورهم كان ملتبساً بالسخرية، بدليل تصدير الجملة بـ "كلما".
قوله: ((وَأَهْلَكَ) عطف على (اثْنَيْنِ)): هذا إذا قرئ: "كل زوجين" بالإضافة، وهي قراءة الجماعة إلا حفصاً، فإنه قرأه بتنوين "كل" ها هنا وفي المؤمنين، قال أبو البقاء: "من قرأ "كل" بالإضافة: فمفعول (احْمِلْ): (اثْنَيْنِ)، أي: احمل فيها اثنين من كل زوج، و"من كل زوجين": حال، لأنه صفة نكرة قدم عليها، ومن قرأ بالتنوين: فمفعول (احْمِلْ): (زَوْجَيْنِ)، و (اثْنَيْنِ): توكيد له، و (مِنْ كُلٍّ) على هذا: يجوز أن يتعلق بـ (احْمِلْ)، وأن يكون حالاً، والتقدير: من كل شيء أو صنف".
الصفحة 72
656