كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
الوقت المضاف، كقولهم خفوق النجم، ومقدم الحاج. ويجوز أن يراد مكانا الإجراء والإرساء، وانتصابهما بما في (بِسْمِ اللَّهِ) من معنى الفعل، أو بما فيه من إرادة القول.
والكلامان: أن يكون (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها) جملة من مبتدأٍ وخبر مقتضبة، أي: بسم الله إجراؤها وإرساؤها. يروى: أنه كان إذا أراد أن تجرى قال: "بسم الله"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومقدم الحاج): هو أيضاً يحتمل الأمرين؛ المصدر واسم الزمان، والمصدر هو المراد في الاستشهاد.
قوله: (وانتصابهما): أي: (مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا)، سواء كانا في معنى الوقت أو المكان بما ذكر، ولا يجوز أن ينتصبا بـ (ارْكَبُوا) في وقت الإجراء والإرساء أو في مكانهما، وإنما المعنى: اركبوا الآن متبركين باسم الله في الوقتين اللذين لا ينفك الراكبون فيهما من الإجراء والإرساء.
قوله: (مقتضبة): أي: مرتجلة مقتطعة غير متصلة بما قبلها، الأساس: "ومن المجاز: اقتضب الكلام: ارتجله، وكان يحدثنا فلان فجاء زيد فاقتضب حديثه، أي: انتزعه واقتطعه". والاقتضاب عرفاً: الخروج من كلام إلى آخر لا علاقة بينهما، ويقابله التخلص، وهو الخروج إلى آخر برابطة مناسبة، ولا مناسبة بين الأمر بالركوب وبين الإخبار بأن مجرى السفينة بذكر اسم الله ومرساها؛ للإنشائية والخبرية، فوجب القطع، قال الشاعر:
وقال رائدهم: أرسوا نزاولها ... فكل حتف امرئ يجري لمقدار
الصفحة 74
656