كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

فلا تكون كلاماً برأسه، ولكن فضلةً من فضلات الكلام الأوّل، وانتصاب هذه الحال عن ضمير "الفلك"، كأنه قيل: اركبوا فيها مجراةً ومرساةً باسم الله، بمعنى التقدير، كقوله تعالى: (فادْخُلُوها خالدين) [الزمر: 73].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وانتصاب هذه الحال عن ضمير الفلك): قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، إذ الحال إنما تكون مقدرة لو كانت مفردة، بمعنى: مجراة، أما إذا كانت جملة فلا، لأن الجملة معناها: اركبوا وباسم الله إجراؤها، وهذا واقع حال الركوب.
وقلت: المصنف جعل (بِسْمِ اللهِ) متعلقاً بـ "مجراة" على هذا التفسير، ولهذا قال: "مجراة باسم الله"، وهي مفردة، فالجملة مؤولة بها لفقدان الواو، كقوله: كلمته فوه إلى في، فيكون قيداً لـ (ارْكَبُوا)، ولا يشك أن إجراءها لم يكن عند الركوب، فتكون مقدرة، كما تقول: اركب الفرس سائراً على اسم الله، وأما مع الواو فلا تفتقر إلى التقدير، كما تقول: اركب الفرس وبإذن الله سيره.
على أن أبا البقاء أجاز أن تكون الجملة حالاً مقدرة، قال: " (مَجْرَاهَا) مبتدأ، و (بِسْمِ اللهِ) خبره، والجملة حال مقدرة، وصاحبها الواو في (ارْكَبُوا)، ويجوز أن تكون حالاً من الهاء، أي: اركبوا فيها وجريانها باسم الله، وهي مقدرة أيضاً"، وتبعه صاحب "الكواشي" والقاضي.
وللشيخ مكي في هذا المقام كلام مبسوط، قال: " (مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا): في موضع رفع بالابتداء، والخبر: (بِسْمِ اللهِ)، والجملة حال من الضمير المجرور في (فيها)، والعائد ضمير (مَجْرَاهَا)، لأنه للسفينة، والعامل في الحال: الفعل، ولا يحسن أن تكون حالاً من

الصفحة 77