كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ): لولا مغفرته لذنوبكم ورحمته إياكم لما نجاكم.
[(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ* قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير في (ارْكَبُوا)، لأنه لا عائد فيها يرجع إلى ذي الحال، لأن الضمير في (بِسْمِ اللهِ) عائد إلى المبتدأ الذي هو (مَجْرَاهَا).
ويجوز أن يرتفع (مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) بـ (بِسْمِ اللهِ)، لأنه متعلق بـ (ارْكَبُوا)، ويجوز أن ينتصبا على الظرف من (بِسْمِ اللهِ)، أي: اركبوا فيها متبركين باسم الله في وقت إجرائها وإرسائها، نحو: آتيك مقدم الحاج.
ولا يعمل فيهما (ارْكَبُوا)، لأنه لم يرد: اركبوا فيها في وقت الجري والرسو، ولا يحسن على هذا التقدير أن يكون (بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) حالاً من الهاء في (فِيهَا)، لأنه لا عائد يرجع إلى ذي الحال، ولا يكتفى بالضمير في (مَجْرَاهَا)، لأنه ليس من جملة الحال، وإنما هو ظرف ملغى، إذ يصير التقدير: اركبوا فيها متبركة باسم الله في وقت الجري، وليس المعنى عليه؛ لأن التبرك إنما هو لركابها لا لها.
ولو جعلت (مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) في معنى اسم الفاعل، لكانت حالاً مقدرة، والعامل ما في (بِاِسْمِ اللَّهِ) من معنى الفعل، أي: باسم الله جارية وراسية"، هذا تلخيص كلامه. ثم قال: "اعلم أن هذه المسألة من أمهات مسائل النحو وغررها".
قوله: (لولا مغفرته لذنوبكم، ورحمته إياكم، لما نجاكم): يريد: أن قوله تعالى: (إِنَّ رَبِّي

الصفحة 78