كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
فإن قلت: الموج: ما يرتفع فوق الماء عند اضطرابه وزخيره، وكان الماء قد التقى وطبق ما بين السماء والأرض، وكانت الفلك تجري في جوف الماء كما تسبح السمكة، فما معنى جريها في الموج؟ قلت: كان ذلك قبل التطبيق، وقبل أن يغمر الطوفان الجبال. ألا ترى إلى قول ابنه: (سآوى إلى جبل يعصمني من الماء)، قيل: كان اسم ابنه: كنعان. وقيل: يام.
وقرأ علي رضي الله عنه: "ابنها"، والضمير لامرأته. وقرأ محمد بن علي وعروة بن الزبير: "ابنه" بفتح الهاء، يريدان: ابنها، فاكتفيا بالفتحة عن الألف، وبه ينصر مذهب الحسن. قال قتادة: سألته فقال: والله ما كان ابنه، فقلت: إنّ الله حكى عنه (إن ابني من أهلى)، وأنت تقول: لم يكن ابنه، وأهل الكتاب لا يختلفون في أنه كان ابنه، فقال: ومن يأخذ دينه من أهل الكتاب!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الموج: ما يرتفع فوق الماء): وجه السؤال: أن الرواية أنه تلاقى ماء الأرض والسماء، وكانت السفينة تجري في جوف الماء، ومعنى "الموج": ما يرتفع فوق الماء من هيئة كالجبال، فبينهما تناف. وأجاب: أن الجريان في الموج في زمان، وفي جوف الماء في زمان، وقال القاضي: "الرواية ليست بثابتة".
قوله: (وزخيره)، الجوهري: "زخر الوادي: إذا امتد جداً وارتفع، يقال: بحر زاخر".
قوله: (وكان الماء قد التقى): مقتبس من قوله تعالى: (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) [القمر: 12]، وقال: "يعني: مياه السماء والأرض".
الصفحة 80
656