كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

(إِلَّا مَنْ رَحِمَ) إلا الراحم، وهو الله تعالى، أو: لا عاصم اليوم من الطوفان إلا من رحم الله. يعني: إلا مكان من رحم الله من المؤمنين، وكان لهم غفوراً رحيماً في قوله (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وذلك أنه لما جعل الجبل عاصما من الماء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: "الكسر أجود، ووجهه: أن الأصل: يا بنيي، والياء تحذف في النداء، ويبقى الكسر ليدل عليها، أو تحذف الياء لسكون الراء من (ارْكَب)، وتقر في الكتاب على ما هي عليه في اللفظ. ووجه الفتح: أن الأصل: يا بنيا، فتبدل الألف من ياء الإضافة، ثم تحذف الألف لسكونها وسكون الراء، وتقر في الكتابة على حدها في اللفظ، أو أن تحذف الألف في النداء كما تحذف ياء الإضافة، لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم، كما أن التنوين زيادة فيه، فيحذف أيضاً".
قوله: ((إِلاَّ مَنْ رَحِمَ) إلا الراحم) إلى آخره، الانتصاف: "الاحتمالات الممكنة أربعة: لا عاصم إلا راحم، ولا معصوم إلا مرحوم، ولا عاصم إلا مرحوم، ولا معصوم إلا راحم، والأولان استثناء من الجنس، والآخران من غير الجنس، وزاد الزمخشري خامساً: ولا عاصم إلا مرحوم؛ على أنه من الجنس، على تأويل حذف المكان، والكل جائز".
قلت: هذا إنما يتم إذا حمل قوله: " (إِلاَّ مَنْ رَحِمَ) إلا الراحم" على: لا عاصم إلا الراحم، ولا معصوم إلا الراحم.
قوله: (إلا مكان من رحم الله): أي: مكان المؤمنين، لأنه تعالى رحمهم حين ركبوا في السفينة، بدليل إيقاع قوله: (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) تعليلاً للأمر، وهو (ارْكَبُوا فِيهَا)، والوصف

الصفحة 82