كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

ولما ذكرنا من المعاني والنكت استفصح علماء البيان هذه الآية ورقصوا لها رؤسهم، لا لتجانس الكلمتين، وهما قوله (ابْلَعِي) (وأَقْلِعِي) وذلك وإن كان لا يخلي الكلام من حسن، فهو كغير الملتفت إليه بإزاء تلك المحاسن التي هي اللب وما عداها قشور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير في "فلا تحمدهما" عائد إلى "الفهر والمداكا"، وهما حجران للعطار يسحق بهما الطيب، المداك: التحتاني، والفهر: الفوقاني، والهمام: عضد الدولة، والحامد: المتنبي، وهذا المعنى قريب من قول الأول:
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة ... لغيرك إنساناً فأنت الذي نعني
قوله: (ورقصوا لها رؤوسهم): أي: تعجبوا لها، فهي كناية، قال القاضي: "هذه الآية في غاية الفصاحة؛ لفخامة لفظها، وحسن نظمها، والدلالة على كنه الحال، مع الإيجاز الخالي عن الإخلال".
قوله: (لا لتجانس الكلمتين): أي: (أَقْلِعِي) و (ابْلَعِي)، وفيه إدماج في نهاية من الحسن، أراد أن يبالغ في وصف الكلام الذي مضى، أدمج فيه معنى التجانس، ثم نفاه، يعني: روعي فيهما صنعة الجناس اللاحق، على نحو: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة: 1]، مع

الصفحة 89