كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) أي: أعلم الحكام وأعدلهم، لأنه لا فضل لحاكم على غيره إلا بالعلم والعدل. ورب عريقٍ في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زمانك قد لقب أقضى القضاة، ومعناه: أحكم الحاكمين فاعتبر واستعبر. ويجوز أن يكون من الحكمة، على أن يبنى من الحكمة حاكم بمعنى النسبة كما قيل: "دارع" من الدرع، وحائض وطالق على مذهب الخليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ورب عريق في الجهل): أعرق الرجل؛ أي: صار عريقاً، وهو الذي عرق في الكرم.
قوله: (قد لقب أقضى القضاة)، الانتصاف: "رأي الزمخشري: أن "أقضى القضاة" أرفع من "قاضي القضاة"، والذي يلاحظونه الآن عكسه، وذلك أن القضاة يشاركون أقضاهم في الوصف، وإن فضل عليهم، وأما "قاضي القضاة" هو الذي يقضي بين القضاة، لا يشاركه أحد في وصفه".
"الإنصاف": وليس كذلك، لأنه فسر (أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) بـ "أقضى القضاة"، فكما لا يتصور ذلك المعنى هناك لا يتصور ها هنا.
قوله: (على أن يبنى من الحكمة: حاكم؛ بمعنى النسبة) إلى قوله: (على مذهب الخليل): يقال:
الصفحة 91
656