كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)
(إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) تعليل لانتفاء كونه من أهله. وفيه إيذان بأن قرابة الدين غامرة لقرابة النسب، وأنّ نسيبك في دينك ومعتقدك من الأباعد في المنصب وإن كان حبشياً وكنت قرشياً لصيقك وخصيصك. ومن لم يكن على دينك - وإن كان أمس أقاربك رحماً - فهو أبعد بعيد منك، وجعلت ذاته عملا غير صالح، مبالغة في ذمّه، كقولها:
فَإنَّمَا هِىَ إقْبَالٌ وَإدْبَارُ
وقيل: الضمير لنداء نوح، أي: إنّ نداءك هذا عمل غير صالح وليس بذاك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجل كاس؛ أي: ذو كسوة، وطاعم: أي: أكل، قال الخليل: ومنه: (عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) [الحاقة: 21]، أي: ذات رضا، لأن العيشة لا تكون راضية، بمعنى: فاعلة، ومن هذا القبيل: طالق وحائض، بمعنى: ذات طلاق وذات حيض، أي: أن ذلك ثابت وحاصل لها من غير تعرض لحدوثها في زمان، حتى لو أرادوا الإجراء على الفعل لأتوا بالتاء، فقالوا: حائضة الآن، وطالقة غداً، هذا مذهب الخليل. وحمله سيبويه على أنه صفة "شيء" أو "إنسان"، لأن المرأة شيء وإنسان.
قال القاضي: "فعلى هذا: معنى (وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ): أنت أكثر حكمة من ذوي الحكم".
قوله: (وليس بذاك): لأن قوله: (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) تعليل لقوله: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ).
الصفحة 92
656