كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 8)

وبالنون الثقيلة بياء وبغير ياء، يعني: فلا تلتمس منى ملتمساً أو التماساً لا تعلم أصواب هو أم غير صواب، حتى تقف على كنهه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسألن" بفتح اللام وكسر النون وتشديدها، على أن صله: تسألنني، فحذفت نون الوقاية لاجتماع النونات، وكسرت المشددة للياء، ثم حذفت اكتفاء بالكسرة، وعن نافع: إثباتها في الوصل.
قوله: (ملتمساً أو التماساً): يريد: أن "ما" في قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ): موصوفة، والصفة: الجملة، ثم "ما" إما اسم مفعول، فهو المراد من "ملتمساً"، أو مفعول مطلق، وإليه أشار بقوله: "التماساً"، لأن السؤال الذي بمعنى الاستجداء التماس.
قوله: (حتى تقف على كنهه)، الأساس: "سله عن كنه الأمر، أي: حقيقته وكيفيته، واكتنه الأمر: بلغ كنهه"، وفيه: أن المراد بالعلم: المتيقن، قال أبو علي: "المراد بالعلم ها هنا: العلم المتيقن الذي يعلم به الشيء على حقيقته، ليس العلم الذي يعلم به الشيء على ظاهره، كالذي في قوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) [الممتحنة: 10] ونحوه".
وقال: "الجار والمجرور في (بِهِ عِلْمٌ): إما أن يتعلق بما يدل عليه العلم المذكور، وإن لم يتسلط عليه، كقوله:
ربيته حتى إذا تمعددا ... كان جزائي بالعصا أن أجلدا
"بالعصا": متعلق بما دل عليه "أن أجلدا". تمعدد الصبي: غلظ وصلب وذهب عنه رطوبة الصبا.

الصفحة 94