كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 8)
قال المرداوي: (ليس للمستعير أن يؤجر ما استعاره بغير إذن المعير) (¬1).
قال البهوتي: (وليس لمستعير أن يعير المعار ولا أن يؤجره إلا بإذن ربه) (¬2).
• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة, منها:
الأول: عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: (كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحسن الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد استبرأ الخبر! ! وهو على فرس لأبي طلحة -رضي اللَّه عنه- عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: (لم تراعوا لم تراعوا ثم قال وجدناه بحرًا أو قال إنه لبحر) (¬3).
• وجه الاستدلال: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعمل الفرس للركوب، لأنه مأذون فيه، وقد استعاره من أبي طلحة -رضي اللَّه عنه-، والفرس يستعمل أصلًا للركوب.
الثاني: القياس على المستأجر في استيفاء المنفعة، لأن كلًا منهما أذن له بتصرف معين، فلا يجوز تعديه (¬4).
الثالث: أن المستعير يتصرف في ملك الغير، فلا يملك المستعير التصرف إلا على الوجه الذي أذن له المعير فيه (¬5).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الشافعية في أحد الوجهين (¬6)، فذهبوا إلى جواز استعماله في غير ما أذن فيه مما جرت العادة باستعماله.
• دليلهم: وحجتهم أنهم قالوا: لأنه يملكَّه على حسب ما ملكه، فجاز؛ كما يجوز للمستأجر أن يؤجر العين.Rصحة الإجماع في أن للمستعير أن يستعمل الشيء المُعار فيما
¬__________
(¬1) الإنصاف، (6/ 115).
(¬2) كشاف القناع، (4/ 59).
(¬3) سبق تخريجه.
(¬4) انظر: المبدع (5/ 9).
(¬5) انظر: تبيين الحقائق (5/ 86).
(¬6) مغني المحتاج (3/ 322).