كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وبعث عبدُ الله بن معاوية إلى خالد بن عبد الله بن أسيد بقُيَّة إلى العراق، فلما وليَ الحجَّاج وجدَها، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يقول: إن عبد الله بن معاوية بعث بها إلى مصعب بن الزبير. فغضب عبد الملك وقال لعبد الله: ألستَ صاحبَ المَرْج، وتُهدي إلى عدوِّي قُبَّة؟ ! فقال: كذب الحجَّاج، إنما بعثتُ بها إلى خالد بن عبد الله. فصدَّقه عبد الملك (¬1).
وأما هند [بنت معاوية] فتزوَّجها عبدُ الله بنُ عامر بن كُريز.
[قال ابن عساكر (¬2): كان دارُها بدمشق في دَرْب القلي] ولما كانت الليلة التي بنى بها ابنُ عامر امتنعت منه، فضربَها، فبكت وبَكَينَ جواريها (¬3) وصِحْنَ، فسمع [ذلك] معاوية، فأُخبر الخبر، فجاء فدخل وقال لابن عامر: قَبَّحَكَ الله، مثلُ هذه تُضرب! وكانت بنتَ تسع سنين، وكان معاوية قد بنى لها دارًا إلى جانبه، وفتح لها بابًا إليه. ثم قال لابن عامر: اخرُجْ. فخرج، فقال لها معاوية: يا بُنيَّة، إنما هو بَعْلُكِ الذي أحلَّه اللهُ لكِ، وأحلَّكِ له. وأوجب الله عليك طاعته. ألم تسمعي إلى قول القائل:
مِن الخَفِراتِ (¬4) البِيض، أمَّا حَرامُها ... فصعبٌ وأَمَّا حِلُّها فذَلُولُ
ثم خرج، ودخل ابنُ عامر، فنال منها حاجته.
[وقد ذكرنا أنَّ ابنَ عامر طلَّقها لَمَّا رأى الشيب في وجهه] (¬5).
وأمَّا عاتكة بنت معاوية (¬6) فتزوَّجها يزيدُ بن عبد الملك، وفيها قيل:
يا بيتَ عاتكةَ التي أَتَعَزَّلُ ... حَذَرَ العِدَا وبهِ الفؤادُ مُوَكَّلُ (¬7)
¬__________
(¬1) بنحوه في "أنساب الأشراف" 4/ 316. ولم يرد هذا الخبر ولا اللذان قبله في (م).
(¬2) تاريخ دمشق ص 459 - 460 (تراجم النساء). وما بين حاصرتين من (م).
(¬3) كذا في النسخ، وهو لغة.
(¬4) جمع خَفِرة، وهي شديدة الحياء.
(¬5) في ترجمته في أحداث السنة الثامنة والخمسين.
(¬6) كذا قال المصنف، وذكرها أيضًا أول الفقرة، والذي قاله البلاذُري في "أنساب الأشراف" 4/ 317: إنها بنت عبد الله بن معاوية.
(¬7) البيت للأحوص الأنصاري، قيل: اسمه عبد الله، ولُقب بالأحوص لِحَوَصٍ في عينيه (أي: ضِيق في مُؤْخِر العين). ينظر "الأغاني" 4/ 224 و 21/ 95 و 98. قال أبو الفرج: أتعزَّل، أي: أكونُ بمَعْزلٍ عنه، والعِدا: جمع عدوّ. وينظر "أنساب الأشراف" 4/ 317.

الصفحة 100