كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قال: صدق. قال: فإنه يقول:
وإذا ما نَسَبْتَها لم تَجِدْها ... في سَناءٍ من المكارم دُونِ
قال: صدق. قال: فإنه يقول:
ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْـ ... ـراءِ تمشي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ
قال: كذبَ، ولا كلُّ هذا. ثم ضحك وقال: ما الذي قال أيضًا؟ فقال:
قُبَّةٍ من مَراجلٍ (¬1) ضربوها ... عند حدِّ الشتاء (¬2) في قَيطُونِ (¬3)
عن يساري إذا دخلتُ من البا ... بِ وإن كنت خارجًا عن يميني
تجعلُ النَّدَّ والأُلُوَّةَ والعُو (¬4) ... دَ صِلاءً ليلًا (¬5) على الكانونِ
وقِبابٌ قد أُشْرِجَت وبيوتٌ ... فَرَشُوها (¬6) بالآسِ والزَّرَجونِ (¬7)
فقال معاوية: يا بنيّ إنَّ القتل لا يجبُ بهذا، والعقوبةُ تزيدُه حَنَقًا، فيزيدُ في قوله، ولكن نتجاوز عنه ونَصِلُه. فوصلَه معاوية. فكفَّ عن قوله.
[وقال أبو عُبيدة: هذه الأبيات لأبي دَهْبَل الجُمحي، واسمه وَهْب بن زَمْعة الشاعر، إسلامي، وله ديوان معروف.
وحكى ابنُ عساكر له قصة عجيبة (¬8)؛ قال: قدم الشام للغَرو، فنزل دمشق، فجاءته امرأة وهو بجَيرُون، فدفعت إليه كتابًا، فقرأه، فقالت: لو بلغتَ معي إلى هذا القصر، فقرأتَه على امرأة فيه؛ كان لك أجر. فبلغ معها القصر، ودخل، فأغلقت المرأة الباب، وجاءته امرأة جميلة، فدَعَتْه إلى نفسها، فأبى وقال: والله لا أفعلُه إلا حلالًا،
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ): من طرائف، ووقع في (م): من طرائف من مراجل. وينظر "أنساب الأشراف" 4/ 25، و"الأغاني" 15/ 110. والمراجل: القدور النحاس. وسيذكره المصنف.
(¬2) في (م): البناء.
(¬3) القيطون: المخدع (الحجرة في البيت) وسيذكره المصنف.
(¬4) النَّدُّ: ضرب من النبات يُتبخَّر به، والأُلُوَّة والعُود: طِيب يُتبخّر بهما كذلك.
(¬5) في "أنساب الأشراف" 4/ 25، و "الأغاني" 15/ 110: لها.
(¬6) في "أنساب الأشراف": نظفوها، وفي "الأغاني": نظفت.
(¬7) أي: قضبان الكرم.
(¬8) تاريخ دمشق 17/ 940 - 491 (مصورة دار البشير). وهذا الكلام الواقع بين حاصرتين من (م).

الصفحة 103