كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وأمَّا صفيَّة بنت معاوية؛ فتزوَّجها محمد بن زياد بن أبيه، وأمُّها أمُّ ولد (¬1).
وعائشة بنت معاوية لأمِّ ولد؛ دخلَ عمرو بن العاص على معاوية (¬2) وبين يديه ابنتُه عائشة وهي صغيرة، فقال: مَنْ هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: ريحانةُ قلبي عائشة. فقال: انْبِذْها عنك، فوالله إنهنَّ ليُكْثِرْنَ (¬3)] لأعداء، ويُقَرِّبْنَ البُعداء، ويورِثْنَ الضَّغائن. فقال معاوية: لا تقُلْ هذا، فواللهِ ما مرَّض المرضى، ولا ندَبَ الموتى، ولا أعان على الأحزان مثلُهنَّ، ورُبَّ ابنِ أخت قد نفع خاله (¬4).
وقد أشار إلى ما قال معاويةُ حِطَّان (¬5) بن المُعَلَّى -وقيل: المعلَّى بن الحمل (¬6) - العَبْدي من شعراء الحماسة حيث يقول:
أنزلني الدهرُ على حُكْمِهِ ... من شامخٍ عالٍ إلى خفضِ
وعالني (¬7) الدهرُ بوَفْرِ الغِنى ... فليس لي مالٌ سوى عِرْضِي
أبكانيَ الدَّهْرُ ويا رُبَّما ... أضحكني الدهرُ بما يُرْضي
لولا بُنَيَّاتٌ كَزُغْبِ القَطا ... جُمعن (¬8) من بعضٍ إلى بعضِ
لكان لي مضطربٌ واسعٌ ... في الأرضِ ذاتِ الطولِ والعرضِ
وإنَّما أولادُنا بينَنا ... أكبادُنا تمشي على الأرضِ
وتزوَّج معاوية نائلة بنت عُمارة الكلبية، فقال لميسون: اذْهبي فانظري إلى ابنة عمِّك، فذهبت وعادت، فقال: كيف رأيتِها فقالت: جميلة كاملة، ولكن رأيتُ تحت سرَّتها خالًا، لَيُوضَعنَّ رأسُ زوجِها في حِجْرها. فطلَّقها معاوية، فتزوَّجت حَبِيبَ بن
¬__________
(¬1) تاريخ دمشق ص 200 (تراجم النساء).
(¬2) نُسب الخبر في (م) لابن عساكر، ولم أقف عليه فيه؛ وهو بنحوه في "العقد الفريد" 2/ 438.
(¬3) في "العقد الفريد": ليلدن.
(¬4) في (م) و "العقد": نفعه خالُه.
(¬5) في "شرح الحماسة" 1/ 285: خطاب.
(¬6) كذا في (ب) و (خ). وفي "العقد الفريد" 2/ 438: المعليّ الطائي.
(¬7) في "شرح الحماسة": وغالني، بالغين المعجمة؛ قال الشارح: يروى: عالني، ومعناه: غلبني، ويُروى غالني، ومعناه: أهلكني بارتجاع عواريِّه من المال، واستلاب ما كنتُ وُفِرْتُ به من العتاد.
(¬8) في "شرح الحماسة": رُدِدْن.

الصفحة 106