كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وروى أبو أُمامة الباهليُّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يا أمَّ سَلَمة، إذا تحوَّلَتْ هذه التربة دمًا؛ فاعلمي أنه قد قُتل ابني".
قال: فأخذَتْ أمُّ سَلَمة التربة، فجعلَتْها في قارورة، فلما كان يومَ قُتل الحسين - رضي الله عنه - تحوَّل دمًا، فعلمت أنه قد قُتل (¬1).
وقال ابن سعد (¬2): حدَّثنا محمد بن عُمر، حدَّثنا موسى بنُ محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سَلَمة، عن عائشة قالت: كانت لنا مَشْرَبَة (¬3)، فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد لُقِيَّ جبريل [لَقِيَه] فيها، فلقِيَه مرّةً فيها، وأمرَ عائشةَ أن لا يصعدَ إليه أحد، فدخلَ الحسين بنُ علي، ولم تعلم حتى غَشِيَهما، فقال جبريل: مَنْ هذا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابني". فقال: إن أمَّتك ستقتلُه، وإن شئتَ أخبرتُك بالأرض التي يُقتل بها. فأشار جبريل إلى الطَّفّ (¬4)، بالعراق، وأخذ تربة حمراء، فأراه إيَّاها، وقال: هذه [من] تربةِ مصرعِهِ (¬5). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشتدَّ غضبُ الله على مَنْ يسفكُ دمَه".
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - (¬6): حدثنا محمد بنُ عُبيد، حدثنا شُرَحْبِيلُ بنُ مُدْرِك، عن عبد الله بن نُجَيّ، عن أبيه، وكان سار مع عليّ إلى صفِّين، وكان صاحب مَطْهَرَتِه، فلما حاذَى نِينَوَى -قرية على شطّ الفرات عند كَرْبَلاء- وقف عليّ، فنادى: اصْبِرْ أبا عبد الله، اصبِرْ أبا عبد الله، ما يقال لهذه الأرض؟ فقالوا: كَرْبَلاء (¬7). فبكى حتى بلَّ الأرض من دموعه ثم قال: دخلتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبكي، فقلت: ما يُبكيك يا رسول الله؟ فقال: "كان عندي جبريلُ آنِفًا، وأخبرني أنَّ الحسين ولدي يُقتلُ
¬__________
(¬1) بنحوه في "المعجم الكبير" للطبراني (2817). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 189: فيه عمرو بن ثابت، وهو متروك.
(¬2) في "الطبقات الكبرى" 6/ 418، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(¬3) المَشْرَبَة، بفتح الراء: الموضع الذي يُشرب منه، كالمَشْرَعَة. ينظر "النهاية".
(¬4) بفتح الطاء، وتشديد الفاء: أرض من ضاحية الكوفة. "معجم البلدان" 4/ 36.
(¬5) إلى هذا الموضع من رواية ابن سعد عن محمد بن عمر -وهو الواقدي- في "الطبقات" 6/ 418. وأما تتمته بعده، فهي فيه من رواية أخرى عن عائشة - رضي الله عنها -. وما سلف بين حاصرتين من "الطبقات".
(¬6) في "المسند" (648)، وإسناده ضعيف كما ذكر محقِّقوه.
(¬7) قوله: ما يقال لهذه الأرض ... ليس من حديث أحمد. وورد نحوه عن ابن سعد في "الطبقات" 6/ 419.

الصفحة 130