كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقال القاسم بن أصبغ المجاشعي: لما أُتي بالرؤوس إلى الكوفة رأيتُ فارسًا من أحسن الناس، وقد علَّق في لَبانِ فرسه (¬1) رأسَ غلام أمرد، كأنه القمرُ ليلةَ البدر، والفرس يمرح، فإذا طأطأ رأسه لحقَ بالأرض، فحزن الناس عليه، فسألتُ عن الرجل، فقيل: هذا حرملة بن الكاهن الأسدي، وهذا رأس العبَّاس بن علي بن أبي طالب، فأقمتُ أيامًا، ثم لَقِيتُ حرملة هاذا وجهُه أسودُ من القار، فقلت له: رأيتُك اليوم وما في العرب أقبحَ ولا أسودَ وجهًا منك! فبكى وقال: منذ حملتُ الرأس يأتيني كلَّ ليلة اثنان، فيأخذان بضَبْعيَّ (¬2)، ثم ينتهيان بي إلى نار تأجَّج، فيدفعاني فيها وأنا أنكص عنها وهي تسفعني (¬3)، فقد صار وجهي كما ترى.
وقد كان العبَّاس قال لإخوته من أبيه وأمِّه: تقدَّموا، فإن قُتلتُم ورثتكم، وإن قُتلتُ بعدَكم ورثني ولدي، وإن قُتلت قبلكم ورثكم محمد بن الحنفية، لأنهم لم يكن لهم ولد (¬4).
قال المصنف رحمه الله: والعجبُ من العبَّاس إن ثبتَ ذلك عنه! أما كان له شُغل بما هم فيه من تلك الأحوال عن النظر في الميراث وغيره؟ !
وقتلَ جعفرَ الأكبر بنَ علي بن أبي طالب هانئُ بنُ ثُبَيت (¬5) الحضرمي، وقتل عثمانَ بنَ علي خَوْليُّ بنُ يزيد؛ رماه بسهم فقتله، وقتلَ عبدَ الله بنَ عليٌ رجل من بني دارم (¬6)، وقُتِلَ العبَّاس بعدَهم، فهؤلاء الأربعة من أمّ البنين الكِلابية (¬7).
وأما أبو بكر بن علي؛ فيقال: إنه قُتل في ساقيه. وأمُّه ليلى بنت مسعود (¬8)، ومحمد بن علي الأصغر (¬9)، قتله رجل من بني دارم.
¬__________
(¬1) أي: صدر فرسه.
(¬2) مثنى ضَبْع، وهو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاها.
(¬3) أي: تلفحني.
(¬4) ينظر "طبقات ابن سعد" 6/ 442، و "تاريخ الطبري" 5/ 449، وسلف هذا الكلام قبل عدة صفحات.
(¬5) في (ب) و (خ): قتيب. والمثبت من "طبقات ابن سعد" 6/ 442.
(¬6) في "أنساب الأشراف" 2/ 498، و"طبقات ابن سعد" 6/ 442 أن الذي قتلَ عبدَ الله بنَ علي هو هانيءُ بنُ ثُبيت الحضرمي. ولم يذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 551 عبد الله.
(¬7) ينظر "تاريخ الطبري" 5/ 468.
(¬8) ينظر "طبقات ابن سعد" 6/ 442، و "تاريخ الطبري" 5/ 468.
(¬9) وأمُّه أمُّ ولد، كما في "نسب قريش" ص 44، و "تاريخ الطبري" 5/ 468، وليس هو بمحمد بن الحنفية.

الصفحة 144