كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

لتجيئني به. قال: تركتُه يُقرأ على عجائز قريش بالمدينة اعتذارًا إليهنَّ، واللهِ لقد نصحتُك في حسين نصيحة لو نصحتُها لأبي سعد بن أبي وقَّاص لكنتُ قد أدَّيتُ حقَّه. فقال عثمان بن زياد أخو عُبيد الله: صدق واللهِ، لوَدِدنا أنه ليس رجل من بني زياد إلا وفي أنفه خِزامة (¬1) إلى يوم القيامة وأنَّ حُسينًا لم يُقتل. فواللهِ ما أنكر ذلك عُبيد الله بن زياد (¬2).
وكان في السَّبايا الرَّباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين - رضي الله عنه -، فكانت تبكي وتقول:
وحسينًا (¬3) فلا نسيتُ حسينًا ... قصدته (¬4) أَسنَّةُ الأعداءِ
غادروه بِكربَلاءَ صريعًا ... لا سقى الله جانبي كربَلاءِ (¬5)
وقال عبد الملك بن عمير (¬6): رأيت في هذا القصر عجبًا -يعني قصر الكوفة- رأيتُ رأس الحسين بين يدي ابنِ زياد، ورأيتُ رأسَ ابنِ زياد بين يدي المختار بن أبي عبيد، ورأيتُ رأسَ المختار بن أبي عُبيد بين يدي مصعب بن الزبير، ورأيتُ رأسَ مصعب بين يدي عبد الملك بن مروان (¬7).
ذكره إنفاذ ابن زياد رأس الحسين - رضي الله عنه - والسبايا إلى يزيد بن معاوية بدمشق:
لما قُتل الحسين - رضي الله عنه - قدم رسولٌ من يزيد إلى ابن زياد يأمره بِثَقَلِ (¬8) الحسين أن يُحمل إليه، ومن بقيَ من أهله.
¬__________
(¬1) هي الحلقة التي توضع في ثقب أنف البعير ليشدَّ بها.
(¬2) تاريخ الطبري 5/ 467.
(¬3) في "معجم البلدان" 4/ 445: واحسينًا.
(¬4) في "الأغاني" 18/ 62، و"معجم البلدان" 4/ 445: أقصدته.
(¬5) في "الأغاني": جادت المزن في ذرى كربلاء، وفي "معجم البلدان": لا سقى الغيث بعده كربلاء. ونسب الشعر فيهما لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الحسين - رضي الله عنه -.
(¬6) في (ب) و (خ): عبيد الله بن عمير، والمثبت من المصادر.
(¬7) أنساب الأشراف 2/ 508 و 515، ومسند أبي يعلى (2643)، والعجم الكبير للطبراني (2877)، والمنتظم 6/ 116، وذكره اليعقوبي 2/ 265، وزاد في آخره قوله: فخرج من ذلك البيت، وأمر بهدمه.
(¬8) الثَقَل: متاع المسافر وحَشَمُه.

الصفحة 155