فدمعَتْ عين يزيد (¬1) وقال: لقد كنتُ أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعنَ اللهُ ابنَ سُميَّة، أما واللهِ لو أني صاحبُه لعفوتُ عنه، ورحم الله أبا عبد الله -يعني الحسين (¬2) - ولكن عاقبةُ البغي والعقوق. ثم تمثَّل:
مَنْ يَذُقِ الحَربَ يَجِدْ طَعمَها ... مُرًا وتتركْه (¬3) بجَعجَاعِ (¬4)
ولم يصل زَحْرًا بشيء.
ورُويَ عن أبي مِخْنَف أن عُبيد الله بن زباد بعث بنساء الحسين - رضي الله عنه - وصبيانه مع مُحَفِّز بن ثعلبة العامريّ؛ من عائدة قريش، ومع شَمِر بن أبي الجَوْشن، وغلَّ يدي عليّ بن الحسين - رضي الله عنهما - إلى عنقه، فلمَّا بلغوا إلى باب يزيد؛ رفع مُحَفِّز صوتَه وقال: هذا محفّز بنُ ثعلبة، أتى أميرَ المؤمنين باللِّئام الفجرة. فأجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت أمُّ محفِّز أفجرُ وأَلْأَمُ (¬5).
[وذكر عبد الملك بن هشام في كتاب "سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬6) -وقد ذكرناه بإسنادنا إليه في صدر الكتاب- قال:
لما بعث ابنُ زياد برأس الحسين إلى يزيد بن معاوية مع الأسارى مُوثَقين بالحبال، منهم نساء وصبيان وصبيات من بنات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أقتاب الجِمال، مكشفات الوجوه والرؤوس، فكانوا كلَّما نزلوا منزلًا أخرجوا الرأس من صندوقه، ووضعوه على رأس رُمْح، وحرسه الحرس طُول الليل إلى وقت الرحيل، ثم يُعيدُونه إلى الصندوق ويرتحلون.
¬__________
(¬1) في حاشية (خ) بخط الناسخ ما نصُّه: قوله: فدمعت معين يزيد لعنه الله، يعني فرحًا، يدل عليه: ذلك عاقبة البغي والعقوق.
وثمة حاشيتان فيها في الورقة التي بعدها في لعن يزيد ومن تابعه وناصره بغير خط الناسخ.
(¬2) تاريخ الطبري 5/ 459 - 460.
(¬3) في (ب) و (خ): وهو له. والمثبت من "طبقات ابن سعد" 6/ 447. وفي بعض المصادر: ويحبسه والبيت من قصيدة لأبي القيس بن الأسْلَت. ينظر "المفضَّليَّات" ص 284، وتخريج القصيدة في حواشيها.
(¬4) الجعجاع: مناخ سوء لا يقرُّ فيه صاحبُه.
(¬5) طبقات ابن سعد 6/ 447 وأنساب الأشراف 2/ 508 - 509، وتاريخ الطبري 5/ 460. ووقع في (خ): وألأم منك، والمثبت من (ب) وهو الموافق لما في المصادر المذكورة. لكن الناسخ كتب فوقها: كذا.
(¬6) ليس هو فيه.