لما بدَتْ تلك الحمولُ وأشرفَتْ ... تلك الشموسُ (¬1) على رُبَى جَيرونِ (¬2)
نعقَ الغرابُ فقلتُ صِحْ أَوْ لا تَصح ... فلقد قضيتُ من الغريم ديوني (¬3)
وقال الغاز بن ربيعة: جمع يؤيد أهل الشام، ووضع الرأس في طَسْت، وجعل ينكت عليه بالخيزرانة ويُنشد لابن الزِّبَعْرَى من أبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... وقعة (¬4) الخزرج من وَقْعِ الأَسَلْ (¬5)
قد قَتَلْنا القِرنَ (¬6) من ساداتهم ... وعَدَلْنا مَيلَ بدرٍ فاعتَدَلْ
ومنها -وقد قيل: إن يزيد زاد فيها- هذه الأبيات:
لاستهلُّوا ثمَّ طارُوا فرَحًا ... ثمَّ قالوا يا يزيدُ لا تُسَلْ (¬7)
لعنت (¬8) هاشمُ بالملك فلا ... خبرٌ جاء ولا وحيٌ نَزَل (¬9)
لَستُ من خِنْدِفَ (¬10) إنْ لم أنتقم ... من بني هاشم ما كان فَعَلْ
¬__________
(¬1) في "منهاج السنة" 4/ 549: الرؤوس.
(¬2) جَيْرون: موضع عند باب دمشق من الجهة الشرقية، كان به حصن، يقال: بناه رجل من الجبابرة اسمه جَيرون، ويقال: جَيرُون هي دمشق نفسها. ينظر "معجم البلدان" 2/ 199. وقال البلاذري في "أنساب الأشراف" 5/ 297: جيرون موضع بدمشق عند المسجد.
(¬3) منهاج السنة 4/ 549.
(¬4) في "طبقات فحول الشعراء" 1/ 238: ضجر، وفي "الحماسة البصرية" 1/ 101، و"منهاج السنة" 4/ 550: جزع.
(¬5) أي: الرماح. ينظر "القاموس".
(¬6) القِرنُ: الكُفْؤ في الشجاعة، ورواية البيت في "طبقات فحول الشعراء": فقَبِلْنا النصف. قال محققه الشيخ محمود شاكر في حاشية: النِّصف والنَّصَف: العدل والانتصاف؛ يقول: قتلنا من سادتهم في أُحد مثلَ ما قتلوا من سادتنْا في بدر.
(¬7) قوله: لا تسَلْ، غير مجوَّد في (ب) و (خ)، والمثبت من "تاريخ الطبري" 10/ 60. والبيت فيه بنحوه مع الأبيات المذكورة هنا، ونُسبت لمعاوية في ذكر كتاب المعتضد قي شأن بني أمية. وجاء في "العقد الفريد" 5/ 390: لا فَشَل.
(¬8) في "تاريخ الطبري" 15/ 65: وَلِعَتْ.
(¬9) شكَّك ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" 11/ 631 في إنشاد يزيد لهذا البيت وقال: إن قاله يزيد بن معاوية، فلعنة الله عليه ولعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله، فلعنة الله على عن وضعه ليشنّع عليه به وعلى ملوك المسلمين.
(¬10) وقع في (ب) و (خ): حذق (؟ ) والتصويب من "تاريخ الطبري". وخِنْدِف: أمّ قبائل من العرب.