صنعتم؟ قالوا: وردُوا علينا، فأتَيْنا على آخرهم. فقام مروان فخرج، وأتاهم يحيى بن الحكم أخو مروان، فقال: ما صنعتُم؟ فأعادوا عليه الكلام، فقال: حُجبتُم عن محمد يوم القيامة. ثم قام فانصرف.
وأُدخلت الرأس على يزيد، فجعل ينكُت بالقضيب في ثغره] (¬1).
[وقال هشام: ] ولما أُتيَ بالرأس إلى يزيد؛ كان عنده رسول ملك الروم، فقال: رأسُ مَنْ هذا؟ قالوا: رأسُ الحسين. قال: ومَن الحُسين؟ قالوا: ابنُ فاطمة. قال: ومَنْ فاطمة؟ قالوا: بنتُ محمد. قال: نبيُكم؟ ! قالوا: نعم. قال: تبًّا لكم ولدينكم! وحقّ المسيح إنكم على باطل، إنَّ عندنا في بعض الجزائر ديرًا فيه حافر حمار ركبه المسيح، فنحن نَحجُّ إليه في كل عام مسيرة شهور وسنين، ونحمل إليه النذور والأموال، ونعظمه أكثر مما تعظمون كعبتكم، أفّ لكم. ثم خرج ولم يعد إلى يزيد.
ولما (¬2) وُضع الرأسُ بين يدي يزيد كان بالخضراء (¬3)، فقهقه حتى سمعه من كان بالمسجد، ولما سمع صوت النوائح عليه أنشد:
يا صيحةً تُحمد من صوائحِ ... ما أهونَ الموتَ على النوائح (¬4)
ويقال: إنَّه كبَّر تكبيرةً عظيمة.
وكان بدمشق خالد بن غفران (¬5) من أفاضل التابعين، ولما أُتِيَ بالرأس اختفى عن أصحابه (¬6) أيامًا، ثم ظهر، فسألوه عن سبب اختفائه، فبكى، ثم قال:
جاؤوا برأسك يا ابنَ بنتِ محمدٍ ... مُتزمِّلًا بدمائه تَزْميلا
¬__________
(¬1) بنحوه في "تاريخ الطبري" 5/ 465. والكلام بين حاصرتين من (م).
(¬2) في (م): وحكى أبو اليقظان قال ...
(¬3) أي: قصر الإمارة بدمشق.
(¬4) بنحوه في "أنساب الأشراف" 2/ 512 - 513.
(¬5) في (ب) و (خ) و (م): صفوان. والمثبت من "تاريخ دمشق" 5/ 511 (مصورة دار البشير). والخبر فيه، وذكره ابن عساكر عن أبي عبد الله الحافظ، وكذا نُسب إليه في (م).
(¬6) في (ب) و (خ) و (م): اختفى هو وأصحابه. والمثبت من "تاريخ دمشق".