كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

حكى مروان بن الوضين (¬1) قال: نُحرت الإبل التي حُمل عليها رأس الحسين - رضي الله عنه - والسبايا، فلم يستطع أحد أن يدنوَ منها من نتنها، وصار لحمها أمرَّ من الصَّبِر (¬2).
[ذكر الحُمرة التي في السماء: ]
وقال ابن سيرين: لم نر هذه الحُمرة [التي] في السماء قبل أن يُقتل الحسين - رضي الله عنه - عند طلوع الشمس وغروبها (¬3).
[ورُوي عن هشام، عن محمد بن سيرين قال: لم تتراء هذه الحُمرة في السماء حتى قُتل الحسين - عليه السلام -] (¬4).
قال الشيخ أبو الفرج [ابن] الجوزي رحمه الله (¬5): لمَّا كان الغضبان يحمرُّ وجهه، فيتبيّن بالحُمرة تأثيرُ غضبه، والحقّ سبحانه ليس بجسم، أظهر تأثير غضبه بحمرة الأفق حين قُتل الحسينُ - عليه السلام -.
وقال هلال بن ذكوان: لما قُتل الحسين - رضي الله عنه -: مُطرنا مطرًا بقي أثرُه في ثيابنا مثل الدم (¬6).
¬__________
(¬1) كذا في (ب) و (خ) و (م)، ولم أعرفه. وفي "المنتظم" 5/ 342: عن جميل بن مرّة، عن أبي الوصي قال ... وهو في "تاريخ دمشق" 5/ 76 (مصورة دار البشير) (وكذا في مختصره 7/ 150) من قول جميل بن مرة.
(¬2) ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 576 أن هذا الخبر وأمثاله من المبالغات والأكاذيب التي لا يصحّ منها شيء. وقوله: الصَّبِر (بكسر الباء): الدواء المرّ.
(¬3) طبقات ابن سعد 6/ 455، وقد نُسب الخبر في (م) إليه. وينظر التعليق التالي.
(¬4) أنساب الأشراف 2/ 505، وطبقات ابن سعد 6/ 455، ومختصر تاريخ دمشق 7/ 149. وعدَّ ابن كثير هذا الخبر من الأكاذيب. قلت: إنّ الحُمرة عند طلوع الشمس وعند غروبها من السنن الكونية التي خلقها الله تعالى، ودعا الناس إلى التفكّر فيها، وأقسم بها بقوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}. وقريبٌ من هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات ابنُه إبراهيم وخسفت الشمس؛ قال: "إن الشمس والقمر من آيات الله، وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته". ولا شكّ أن مقتل الحسين - رضي الله عنه - مصيبة كبرى أُصيب بها المسلمون، وكذا مقفل عُمر وعثمان وعلي - رضي الله عنه -. وفي هذا القول من الغرابة ما لا يخفى.
(¬5) في "التبصرة" 2/ 16. ويستغرب منه مثل هذا القول!
(¬6) المصدر السابق.

الصفحة 171